Tuesday, 22 December 2015

قبح هنا.. وضلال هناك


شارع في القاهرة لألبرتو باسيني


أكتب عن مسألتين فى مقال اليوم، وأعترف بأننى ظللت مدى طويلاً أقاوم الدخول فى المسألة الأولى، وهى ظاهرة القبح والسفالة التى باتت تسود بعض الفضائيات، وبداية أؤكد على بديهية أن التعميم فى الأحكام واتخاذ المواقف خطأ يصل أحيانا إلى الخطيئة!، ولذلك فإن حديثى عن شريحة من أصحاب الأموال لا يعنى كل الفئة أو الطبقة إن جاز التعبير.

أتحدث عن شريحة معها مال ومحيرها فقررت أن تقتنى فضائيات وتطيرها!! ومن داخل الفضائيات المقتناة توجد مقتنيات أخرى أبرزها نوع خاص من الكائنات ليس له مثيل فى أى مملكة من ممالك الكائنات، لأنه إذا كانت كلاب الحراسة شديدة الشراسة تنطلق لتمزيق ملابس ولحم من يشار إليه بصوت من صاحبها أو إيماءة منه، وأحيانا تؤدى المهمة التى تم تدريبها عليها دون صوت أو إشارة، إلا أنها فى النهاية تحمل صفات الكلاب، أى صاحبة صاحبها، ووفية، ولا تعقر عمال على بطال، وحتى فى حالة إصابتها بالسعار ــ أى داء الكلب ــ فإنها عند الإصابة تختبئ فى مكان قصى مظلم حتى لا تعقر صاحبها إلى أن يتفاقم الداء فلا تملك التمييز!
الكائنات المقتناة فى فضائيات ذلك الصنف من أصحاب الفلوس، لا أجد لها المسمى المناسب لأنها أولا تشذ عما جبل عليه الإنسان بفطرته السوية، إذ يمتلك عقلا وروحا وفؤادا وعاطفة، وقد يصقل كل ذلك بالتربية الخلقية والتعليم والثقافة! ولأنها ثانيا تضع الكلمة ــ وهى أقدس ما خلق الله ــ فى غير موضعها وتتدنى بها لدرجة تجعل من الكلام تجسيدا للقبح والسفالة والعدوان.
ولأنها ثالثا تعقر عمال على بطال وبأجر مدفوع، ولذلك فهى ــ أى الكائنات إياها ــ فى هذه النقطة لا تملك الشرف الذى تحوزه العاهرات اللائى يتلقين المال مقابل إعطائهن المتعة، ثم إنها رابعا تنشر قبحها وسفالتها فى المجتمع ليصاب بوباء القبح والسفالة، ويتعطل عقله ويتجه للانحطاط والاضمحلال، ويفقد ضرورة وجوده بين الأمم الأخرى!
إنك تنظر إلى تلك الكائنات إذا تصادف وامتلكت البال الطويل وأنت تطالع القنوات على الشاشة فتجد والعياذ بالله وجوها كالحة نضح القبح والسفالة على قسماتها، وأفواها تضخ السباب والكراهية والافتئات على الحقيقة، ونهش أعراض خلق الله وكأنها تعشق ارتكاب الخطيئة، لأن الخالق سبحانه نهى نهيا واضحا عن إشاعة الفاحشة، ففى سورة «النور» الآية (19) نقرأ: «إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة والله يعلم وأنت لا تعلمون».. لأن اصطياد ما يتصل بأعراض الناس، حتى وإن وقعوا فى ارتكاب ما قد يعد خروجا على السلوك القويم هو بحد ذاته جريمة تزيد بشاعة على الفعل ذاته. وهنا أتوقف عن الاستطراد فى الكلام عن تلك الظاهرة التى أصبح يتعين على أصحاب الفلوس الذين اقتنوا تلك الكائنات داخل فضائياتهم أن يحترموا أنفسهم، وألا يواصلوا الإساءة إلى الفئة الرأسمالية كلها، وأن يتقوا الله فى النعمة التى حازوها، حتى لا تقع الكارثة على المجتمع كله.. كما يقول الله تعالى فى سورة الإسراء الآية (16): «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا».
المسألة الثانية التى أود الحديث فيها هى الموقف البريطانى من الإخوان المسلمين، ويبدو أن «القرشانة» البريطانية يعز عليها جدا، أن تدين وتجرم بشكل واضح من كانت هى التى وضعت بذرتهم الشيطانية، وأخذت ترويها حتى اشتد عودها لتوكل إليها كل المهام القذرة التى حاول البريطانيون ومن قبلهم الفرنسيون على عهد بونابرت أن ينفذوها فى مصر ففشلوا، وأقصد بالمهام تمزيق مصر دينيا وطائفيا ومذهبيا وجهويا واجتماعيا!!
ولما عرف الاحتلال فى المرحلتين «الحملة الفرنسية، والاحتلال البريطانى» أن المصريين بطبيعتهم ينفرون من كل ما يدعو إليه الأجنبى، خاصة إذا كان مستعمرا محتلا، ذهب تفكيرهم الجهنمى إلى إسناد المهمة لمصريين مسلمين، فكان تأسيس الجماعة عام 1928 ودفعها باتجاه تمزيق الوطن المصرى، والمنطقة العربية ككل، ومما يؤكد ذلك أن كيانات أخرى سبقت تأسيس الإخوان عملت فى الدعوة الإسلامية كالشبان المسلمين، والجمعية الشرعية، ولكنهم لم يفعلوا مثلما فعل البنا وجماعته!

بريطانيا وبعد كل ما حدث ويحدث تصدر تقريرا لا يتضمن حظرا واضحا لتلك الجماعة، ولا يفرض عقوبات على من ينتسب إليها، وتركت الباب مواربا، لأنها مازالت تراهن على الخطة نفسها.. خطة تدمير مصر والمنطقة عبر الاستقطاب الدينى والطائفى والمذهبى، وهذا هو الضلال البريطانى الذى جاء عليه عصر لم تكن الشمس تغيب عن مساحة انتشاره.
                                 
نشرت في المصري اليوم بتاريخ 22 ديسمبر 2015

No comments:

Post a Comment