Thursday 12 October 2017

عصابة التخلف التخريبي




تتصاعد حالة الهذيان الهستيري لدى عصابة التخلف التخريبي، كلما اشتد عود الثلاثين من يونيو، ورسخت الإنجازات في الداخل وفي الدوائر الخارجية، العربية والإفريقية والدولية، حيث كان وسيبقى الدور الأساسي الحاسم في ذلك كله لجيش مصر والفئات العريضة من الشعب المصري، منذ تم ضرب تحالف الإقطاع ورأس المال والفساد وبرادع الإنجليز في مصر بثورة 23 يوليو 1952 التي جاءت حلقة متوجة لحلقات طويلة من نضالات شعب مصر في تاريخه الحديث والمعاصر، أي منذ ثورته ضد الحملة الفرنسية أواخر الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر.

وهي عصابة، لأنها تكوين لا يمكن أن ينال شرف وصف آخر ككتيبة أو جماعة أو حتى مجموعة، لأنها أوصاف تطلق على تكوينات أخرى محترمة، أما العصابة في مدلولها المعاصر فهي تنصرف إلى التشكيلات الإجرامية.. وهو هذيان هستيري، لأن أطراف العصابة، ومنهم أصحاب أموال ومالكو قنوات فضائية، وآخرون ممن يقترفون مهنة الكتابة، ولبعضهم أعمدة يومية يفترض أنهم أسوياء بحكم تعليمهم وثقافتهم وطبيعة عملهم، ولكن ما يصدر عنهم يفصح عن إصابتهم بخلل عقلي نفسي مركب.. ثم إنه تخلف تخريبي لأنهم يستميتون في وقف عجلة التقدم وتكسيرها وتشويه الوجدان الوطني وتمزيقه، وكلما احتدم صخب الاقتتال الداخلي ازدادت الهيستريا لديهم، وعمدوا إلى صب مزيد من الزفت إلى النار!

إنهم يعلنون طوال الوقت أن ثورة يوليو كانت وستبقى عملًا تخريبيًا بشعًا، قتل مصر واغتال المصريين، وأن الحكم الملكي ورموزه ومعه الاحتلال البريطاني الذي بقى حتى 1954 وحاول العودة في 1956 وفشل، كان كله خيرًا وكله عظمة على عظمة!!، وعليه فإن كل الإنجازات والسياسات والتوجهات والمواقف التي ارتبطت بتلك الثورة ورموزها مدانة عندهم، ولا يقبلون مجرد مناقشتها مناقشة منطقية، ثم فجأة تراهم وقد تشعبطوا في أنور السادات واعتبروه بطلًا لهم ورمزًا لتوجهاتهم لهدف واضح هو دق الأسافين في بنيان ثورة يوليو وتمزيق تاريخها كجزء من تمزيق الوجدان الوطني.. ويتناسون أن أنور السادات كان عضوًا في تنظيم الضباط الأحرار، وأنه الذي أذاع بيان الثورة، وأنه بقي جنديًا في صفوفها وقريبًا من جمال عبدالناصر حتى رحيله، وأنه كان نائبًا وحيدًا له، ولذلك تولى الرئاسة من بعده، وأنه ظل إلى أن رحل في 1981 يعتز بثورة يوليو ودوره فيها، بل إنه عندما استدعى الأمر وقفة في وجه أعداء يوليو خلال التجربة الحزبية التي بدأت 1976 وصف السادات فؤاد سراج الدين ومن معه أوصافًا يستحقونها ولم يتورع عن إلقائهم في السجن!

وهي عصابة شاركت الإخوان المسلمين في تكريس التخلف التخريبي، حيث كان الطرفان جزءًا من نسيج اقتصادي اجتماعي ثقافي واحد، نسميه تجاوزًا بالرأسمالية، وهو نسيج لا يستحق هذه التسمية، لأن للرأسمالية المحترمة في عالمها إنجازات وممارسات لا يمكن أن تكون تخلفًا أو تخريبًا.. وفي يقيني أن هذه العصابة ما زالت تتمنى وتسعى عودة الإخوان المسلمين، لأنها تعتقد أن الهوى الأمريكي والأوروبي متجه إلى تمكين الأصوليات والتوجهات ذات المرجعية الدينية من حكم المنطقة لأسباب معلومة ويطول شرحها.. ولذلك وجدنا أحد شماشرجية هذه العصابة من مقترفي كتابة الأعمدة الصحفية اليومية في صحيفة خاصة غير معلوم النسب الاجتماعي ولا الفكري ولا الثقافي يكتب ليصدر أحكامًا قطعية كأي مصاب بالهذيان الهستيري بأن ثورة يوليو كانت جريمة، ويسافر إلى تركيا أردوغان ليظهر على قناة مكملين الإخوانية، وبعدها يشيد بأنور السادات مناشدًا مالك محطة فضائية بأن ينضم إليه في هذه الانفعالات الهستيرية!

وفي ظني أن العصابة المتخلفة التخريبية لن يهدأ لها سعي ولن يخف هذيانها إلا بعد أن تنجح في الوقيعة الكاملة بين شعب مصر وبين جيش مصر، لأن الأخير هو صاحب يوليو 1952 وأكتوبر 1973 وثلاثين يونيو 2013 ولأن نجيب وناصر والسادات ومبارك والسيسي إذا نحينا أسماءهم جانبًا فسيبقى، إنه جيش مصر في ملحمة النضال الوطني، مرحلة بعد مرحلة وحقبة تلو حقبة.. إنني أناشد كل الأسوياء في الوطن ألا يبتلعوا الطعم من يد هذه العصابة، وأن يتم كشف إجرامها في حق الشعب والجيش والوطن، والتعامل مع مسارنا التاريخي باعتباره حلقات متصلة متكاملة لكل حلقة إيجابياتها وسلبياتها، ولكنها في الأصل والمسار متصلة متكاملة وأن يوليو أولى بأنور السادات وانتصار أكتوبر من تلك العصابة المتخلفة المخربة.
                      

نشرت في جريدة الأهرام بتاريخ 12 أكتوبر 2017.

No comments:

Post a Comment