Wednesday 13 July 2016

آراء حول "ما البديل 2"؟




أواصل تقديم مساهمات الذين تفضلوا وشاركوا عبر البريد الإلكتروني وصفحة التواصل في مناقشة الإجابة عن السؤال، الذي طرحه الأستاذ غسان طهبوب تعليقًا على مقال كتبته في "المصري اليوم"، عن مسألة عودة الإخوان "المصالحة" للحياة السياسية المصرية كطرف مشارك برضا المجتمع.

وقد كان السؤال هو: ما البديل الذي يملأ فراغ الساحة السياسية المصرية والعربية؟ وقد نشرت جزءًا من مساهمات المتابعين المهتمين بما يكتب، وكتب لي البعض معاتبًا لأنني لم أنشر وجهة نظره.

وما أنشره على صفحات "المصري اليوم" موجود على البريد الإلكتروني وصفحة التواصل، كما أسلفت، وتأتي ضرورة نشره هنا مرتبطة بأن تكون "المصري" الصحيفة مكانًا لحوار وطني وقومي واسع حول حاضر أوطاننا وأمتنا ومستقبلها، ومن حق قارئها الذي لا يطلع على "بريد" أو "فيس" أن يعرف ماذا يدور في هذا الحوار.. ولذلك فإن الشكر موصول لمن يشاركوننا ولمن يقرأون وللمصري اليوم تحريرًا وإدارة على هذا الدور المتميز.

كتب الأستاذ محمد الرمادي - وهو ممن عاتبوا - عن ما البديل؟: "... أعلل النفس بالآمال أرقبها.. ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل... أولى خطوات الإصلاح هي أن تتفق معنا القيادة السياسية في آمالنا وأهدافنا ليبقى أملنا هو السد الذي يقطع الطريق على كل من يعبث بمقدرات الأمة".

وكتب الدكتور سيد الشيمي سطورًا استشرافية أظنها خطيرة: "نحاول أن نبحث عن المخرج دون أن نلم إلمامًا كاملاً بما يحيط بنا من متغيرات كونية سبق وتناولناها وشرحناها منذ التسعينيات، وهي تتلخص في أن هناك عصرًا جديدًا سيبدأ في ديسمبر 2020 تعلن فيه وفاة الحضارة الغربية المسيحية الأنجلوسكسونية، وقيام حضارة إنسانية يبزغ فجرها من الشرق، حيث الصين واليابان والهند والكوريتين وإيران.. وللأسف فإن كثيرًا من الكيانات القطرية الخليجية ستتوارى خلف مد إسلامي شيعي آخذ في الطلوع طوال 150 عامًا قادمة، بما يماثل ما حدث مع الدولة العثمانية فيما مضى.. وهذا فيما أظن ما سيواجه أولادنا وأحفادنا.. وتلك مجرد عناوين مجتزأة وباختصار"!

وكتب الأستاذ عماد جرجس: "الحل في كلمة واحدة هي الحرية.. حرية القول والتعبير دون سقف أو حدود أمنية أو سياسية".

ويذهب الأستاذ محمد غازي إلى أن: "غياب القيادة القدوة، ولا أقصد هنا كاريزمية القيادة والزعامة، كما حدث في حالة محمد علي وسعد زغلول وجمال عبد الناصر، وإنما أقصد الشكل الحديث في القيادات، وأن يصدق الناس ما يدعونه من حب للوطن".. ثم يركز الأستاذ غازي على قضية غياب القدوة وتفشي الفساد وغياب العدالة الاجتماعية، وغياب دور النخبة وجماعة المثقفين.

الأستاذ الدكتور سامح مرقس، أستاذ الطب ببريطانيا، يؤكد أنه لا تصالح ولا مكان لفكر الإخوان في القرن الواحد والعشرين، وأن ما يملأ الفراغ الثقافي هو الثقافة العلمانية، ولن يحدث تقدم في حالنا المصري والعربي حتى تتغير قيمنا من الفكر الاتكالي إلى الفكر العلمي، وتغيير معايير ما قبل الحداثة إلى معايير ما بعد الحداثة والفكر العلمي الموضوعي، ولا بد من ثورة ثقافية لنشر الفكر العلماني، ولتحسن راديكالي في نظام التعليم.. فمصر كانت على طريق الحداثة في النصف الأول من القرن العشرين، وأنجبت عمالقة في جميع المجالات الثقافية والعلمية من خلال نظام تعليمي متقدم... وعلى مثقفي مصر في هذه المرحلة الاتحاد والعمل لنشر الثقافة العلمانية، وتبني مشروع تعليمي تقدمي ونظام إعلامي متقدم ينشر الثقافة والفكر الإنساني المتحضر.. ويجب الاستفادة من فكر الفيلسوف المصري مراد وهبة في تبني الثقافة العلمانية ومواجهة السلفية بشجاعة، وفضح الفكر الرجعي وضحالته.."، ويختم الدكتور سامح مرقس بأن يتم التواصل بين كاتب هذه السطور والدكتور وهبة، ثم يقول الدكتور سامح: "أتمنى أن تعقد ورشة عمل يحضرها مثقفو مصر الحقيقيون وهم قلائل للحوار الجاد لتقديم وثيقة عمل لإرساء الثقافة العلمانية في مصر وللإصلاح الراديكالي في نظام التعليم بدلاً عن المناقشات الوهمية حول جزر لا يعلم أغلب المصريين عنها شيئًا".

وكتب المهندس حازم راضي رأيًا مطولاً وغنيًا بالمضامين الجادة، ولأن المساحة قد لا تسمح بنشره كاملاً فإنني سأحاول اجتزاء بعضه، وأرجو ألا يكون اجتزاءً مخلاً: "الفكرة الأساسية أسميتها الرؤية الشاملة، وهي تتمحور في أنه بدون أن تعمل الدولة على إنتاج إنسان حقيقي له عقل نقدي ورؤية شاملة للحياة ومعانٍ واضحة للإنسان والوطن والدين والمجتمع.. بدون أن تعمل الدولة على هذا فإننا سوف نكون أشباه بشر، نبني أشباه مجتمع يعيش في أشباه دولة.. وسوف تتحكم فينا التيارات الضالة التي تسعى لأستاذية العالم والتحكم في الإنسان وجعله أشبه بالروبوت أو بالنسخ المجردة من الأحاسيس.

إن الإنسان المصري لا بد أن يدرك أنه مريض نفسيًا واجتماعيًا، ولا بد أن يتقبل العلاج حتى إن كان مرًا علقمًا.. لأنه بدون هذا العلاج سيظل سقيمًا ويعاني من أمراضه النفسية والاجتماعية والاقتصادية، ويشكو مر الشكوى من أعراض هذه الأمراض، وستستمر هذه الشكوى إلى الأبد حتى يبدأ في العلاج.

... إن البداية الحقيقية هي التعليم ثم التعليم ثم التعليم.. فلسفة التعليم لا بد وأن تبدأ بتعلم معاني الحياة والحب والإخاء والمساواة.. تعلم معنى الاختلاف وكيفية الاختلاف حول الوسائل لا الأهداف.. فلسفة التعليم لا بد أن تبدأ بمعنى الوطن والأرض.

النقطة الثانية هي الاقتصاد.. إن مفهوم الاقتصاد هو إدارة الموارد بأفضل صورة لتنمية الإنسان.. فالاقتصاد لا بد له من هدف، وفي نظري أن أي اقتصاد لا يسعى إلى تنمية الإنسان هو اقتصاد فاشل على المدى الطويل، حتى لو كان رابحًا على المدى القصير.. فلا بد وأن يخدم الاقتصاد المجتمع كله من خلال تنمية الإنسان فكريًا وجعله حرًا خلاقًا سمحًا.. أنا لا أهتم بمسمى الاقتصاد، سواء كان رأسماليًا أو اشتراكيًا طالما هو يهتم بتنمية الفرد والعائلة والحفاظ على المقومات الطبيعية للمجتمع.

النقطة الثالثة هي السياسة.. إن مفهوم السياسة هو تحقيق مصالح العباد.. إن الرجل السياسي هو الذي يعمل وفي ذهنه هدف معين يريد تحقيقه بأي وسيلة.. هذا الرجل يستطيع التوفيق بين المتناحرين والمختلفين من أجل هدفه.. ولكن هل لا بد أن يكون السياسي أخلاقيًا؟ هنا يبرز دور التربية في جعل السياسي رجل أخلاق وأدب... فلا يطعن من الخلف، ولا يستخدم وسائل قذرة، ولا يتاجر بالألم أو الشرف أو العرض.. كل هذا مرتبط بأهداف التعليم التي سبق أن ذكرناها.

وفي المقال المقبل سأورد وجهة نظري في المسألة.
                              
نشرت في جريدة المصري اليوم بتاريخ 13 يوليو 2016.

No comments:

Post a Comment